فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها إعداد أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ األستاذ بقسم الفقه كلية الشريعة بالرياض جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ ملخص البحث يتناول البحث فضل العمرة يف رمضان ووقتها وخلص إلى أن أفضل األزمنة ألداء العمرة هو شهر رمضان وهي أفضل من العمرة يف سائر الشهور مطلقا وأن الراغب يف حتصيل األجر الوارد يف العمرة يف رمضان البد أن يكون اإلحرام بها والطواف والسعي بعد دخول شهر رمضان وأن العمرة يف إحدى ليالي العشر األواخر لها فضل على العمرة يف أول الشهر ووسطه وأن قصد االعتمار ليلة السابع والعشرين من رمضان وتخصيصها بذلك ال أصل له وال دليل عليه وال يدخل يف ذلك االعتمار يف ليلة سبع عشرين من غير قصد وال تخصيص لها وإمنا ملناسبة هذه الليلة له دون غيرها من الليالي أو لفراغه تلك الليلة من األشغال أو لكون االعتمار فيها أنشط له وأقوى. 218

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها المقدمة 219 احلمد هلل الذي من على عباده املؤمنني مبوسم عظيم تضاعف فيه احلسنات وتعظم فيه األجور وتتعدد فيه العبادات وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له أحمده على وافر نعمه وعظيم هباته وأشهد أن نبينا محمدا عبد ه ورسول ه قدوة العابدين وإمام املتقني أرسله اهلل بالهدى ودين احلق ليظهره على الدين كله وكفى باهلل شهيدا صلى اهلل عليه وعلى آله وأصحابه والتابعني ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: فإن العمرة من العبادات العظيمة والقربات اجلليلة التي رغب الشارع فيها وحث عليها وجعلها من مكفرات الذنوب وماحيات اخلطايا ففي احلديث:»العمرة إلى العمرة كفارة ملا بينهما«وهي تذهب الفقر والذنوب لقول النبي :»تابعوا بني احلج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث احلديد والذهب والفضة«. ))) أخرجه البخاري يف كتاب احلج باب وجوب العمرة وفضلها )2/3( )1773( ومسلم يف كتاب احلج )983/2( )1349( عن أبي هريرة. ))) أخرجه الترمذي )166/3( )810( والنسائي يف اجملتبى )115/5( ويف الكبرى )9/4( )3597( وأحمد )185/6( )3669( وابن أبي شيبة )120/3( )12638( وأبو يعلى )389/8( )4976( والبزار )134/5( )1722( وابن خزمية )130/4( )2512( وابن حبان )6/9( )3693( والطبراني يف الكبير )186/10( )10406( والبغوي يف شرح السنة )7/7( )1843( عن عبداهلل بن مسعود. وجاء أيضا من حديث عمر وابن عباس وجابر وعامر بن ربيعة وابن عمر وأبي هريرة. قال الترمذي:»حديث حسن صحيح غريب«وحسنه ابن كثير من حديث عامر ابن ربيعة يف جامع املساند والسن )478/4( وصححه األلباني يف السلسلة الصحيحة )182/3 196( لشواهده الكثيرة. = العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ وهي أحد اجلهادين كما قال عمر بن اخلطاب :»إذا وضعتم السروج فشدوا الرحال إلى احلج والعمرة ))) فإنه أحد اجلهادين«))). وباإلضافة إلى هذه الفضائل للعمرة فقد جاء فيها فضل خاص يف شهر رمضان ويحرص كثير من املسلمني على أدائها يف هذا الشهر مسارعة إلى اخليرات واغتناما لفضل الزمان وطمعا يف حتصيل األجر الوارد فيها من كونها تعدل حجة كما أن العمرة تيسرت يف هذا الزمن بسبب ما يشهده عصرنا من تنوع وسائل السفر من طائرات ومركبات تتميز بالسرعة والراحة حتى صارت املسافات التي كانت تقطع إلى مكة يف أيام أو أشهر فيما مضى تقطع يف ساعات فتيسر بذلك السفر إلى مكة والوصول إليها من أي بلد وانتفت كثير من املشقة فزاد بذلك عدد املعتمرين يف شهر رمضان ويحرص أهل العلم على تذكير الناس بفضل العمرة يف هذا الشهر وحثهم على فعلها لكن ظهر قول أنه ال فضيلة خاصة للعمرة يف شهر رمضان وأن العمرة يف شهر = ويف إسناده عاصم بن عبيداهلل العمري وهو ضعيف وقد اختلفوا عليه يف هذا احلديث كما قال الدارقطني وذكر طرقه وأطال يف تعليله قال احلافظ -عن حديث عامر بن ربيعة- يف إحتاف اخليرة املهرة )176/3(:»ومدار أسانيدهم على عاصم بن عبيداهلل العمري وهو ضعيف وله شاهد من حديث عمر بن اخلطاب... وآخر من حديث عبداهلل بن مسعود». ينظر: علل الدارقطني )131-127/2( مسند الفاروق.)455/1( ))) معناه: إذا فرغتم من الغزو فحجوا واعتمروا. ينظر: فتح الباري )381/3(. ))) أخرجه عبدالرزاق )7/5( )8808( وسعيد بن منصور )169/2( )2350( والفاكهي يف أخبار مكة )376/1( )793( وعلقه البخاري يف صحيحه يف كتاب احلج باب احلج على الرحل )133/2(. وصححه األلباني يف مختصر صحيح البخاري )450/1(.)299( 220

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها ذي القعدة أفضل منها وانتشر هذا القول بني العامة بسبب وجود وسائل االتصال وانتشار وسائل التواصل االجتماعي التي سهلت التواصل بني الناس ومكنتهم من نقل العلم وصار البعض يقوم بنقل املقاطع الصوتية التي فيها تقرير لهذا القول واحتجاج له عاما بعد عام من باب نشر العلم وتوعية الناس بعدم فضيلة العمرة يف شهر رمضان وهذا يستدعي بحث هذا املوضوع وإفراده بالدراسة والنظر يف احلجج التي احتج بها من ذهب إليه ومناقشتها على ضوء القواعد التي قررها أهل العلم يف االستدالل وما سار عليه األئمة يف استنباط األحكام من أدلتها إذ هي العاصمة من الوقوع يف الزلل وذلك للوصول إلى القول الصحيح. وهذا يبني أهمية هذا املوضوع واحلاجة إلى إفراده بالبحث نظرا لكثرة سؤال الناس عنه بعد انتشار القول القائل بعدم فضيلة العمرة يف شهر رمضان ولذا وقع اختياري على هذا البحث: )فضل العمرة يف شهر رمضان ووقتها(. أهمية املوضوع: تظهر أهميته فيما يأتي: 1- أن هذا املوضوع تعظم أهميته ملن أرادوا االعتمار يف شهر رمضان ويكثر سؤالهم عن فضل العمرة فيه وتفضيلها على العمرة يف ذي القعدة. 2- رغبة الكثير من الناس يف أداء العمرة يف رمضان ويريد معرفة ابتداء وقت العمرة يف شهر رمضان وانتهائه. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 221

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ 3- معرفة احلكم الشرعي لالعتمار يف العشر األواخر ولتخصيص ليلة سبع وعشرين بالعمرة. أسباب اختيار املوضوع: 1- جدة موضوع البحث ومعاصرته. 2- أن هذا املوضوع له صلة بالعمرة التي لها تعلق بالبيت احلرام. 3- وجود مسائل يف هذا املوضوع حتتاج إلى بيان وإظهار احلكم الشرعي فيها. الدراسات السابقة: بحثت فيما كتب حول هذا املوضوع يف فهارس املكتبات العامة ومحركات البحث على الشبكة العنكبوتية ووقفت على بعض الرسائل العلمية والدراسات الفقهية التي قد يظهر لها صلة بهذا املوضوع وهذا عرض موجز ملا وقفت عليه: 1- األحكام اخملتصة بالعمرة وهي رسالة ماجستير مسجلة يف كلية الشريعة يف جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية للعام اجلامعي 1436-1435 ه وهي من إعداد: ميمونة بنت خالد الرومي. وهذه الرسالة تعرضت لبحث مسألة من مسائل هذا املوضوع وهو فضل العمرة يف شهر رمضان يف املسألة الثانية: العمرة يف أشهر احلج لغير املكي وجاء بحث هذه املسألة مختصرا حيث اقتصرت الباحثة على دليل واحد للجمهور وهو حديث ابن عباس دون ذكر ما أورد عليه 222

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها من مناقشات واجلواب عنها ولم تذكر أقوال املعاصرين يف تفضيل العمرة يف ذي القعدة على العمرة يف شهر رمضان وحججهم ومناقشتها. 2- املسائل الفقهية املعاصرة يف احلج والعمرة وهي رسالة ماجستير مسجلة يف كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية يف جامعة الشارقة للعام اجلامعي 1427 ه وهي من إعداد: جمعة بن خادم العلوي وقد طبعت عام 1429 ه. 3- فقه القضايا املعاصرة يف العبادات وهي رسالة دكتوراه مسجلة يف املعهد العالي للقضاء يف جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية للعام اجلامعي 1427 ه وهي من إعداد: الدكتور عبداهلل بن بكر أبو زيد. وهاتان الرسالتان وإن كان يظهر من عنوانيهما أنهما تطرقتا لبحث هذا املوضوع لكن بعد الوقوف عليهما تبني أنهما لم تتعرضا لبحثه. 4- كتاب بعنوان: املوسوعة امليسرة لقاصد مكة املكرمة من إعداد: وليد بن صالح احلجاج وهو يقع يف مجلدين طبعته دار الصميعي الطبعة األولى عام 1420 ه. وقد تطرق لبحث فضل العمرة يف شهر رمضان يف املطلب العاشر: العمرة يف رمضان وهو مبحث مختصر يقع يف صفحتني ولم يذكر اخلالف يف هذه املسألة وال أقوال املعاصرين وال حججهم وإمنا اقتصر على ذكر احلديث الوارد يف فضل العمرة يف رمضان وعدم مشروعية تخصيص ليلة العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 223

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ سبع وعشرين بالعمرة. وهناك بحثان وقفت عليهما يف الشبكة العنكبوتية: األول: بعنوان: )العمرة يف رمضان خاصة أم عامة( للدكتور فهد بن عبد الرحمن اليحيى ))). الثاني: بعنوان: )تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف غيرها من شهور العام( لفؤاد بن عبداهلل احلامت ))). وهذان البحثان اقتصرا على بحث تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف شهر ذي القعدة ومناقشة بعض حجج من ذهب إلى تفضيل العمرة يف ذي القعدة على العمرة يف شهر رمضان دون استقصاء األدلة ووجوه مناقشتها. اإلضافة العلمية: أن هذا املوضوع ال زال بحاجة إلى استقصاء األدلة وما ميكن إيراده من مناقشات عليها وإظهار لطرائق أهل العلم يف االحتجاج وطرق االستنباط من النصوص واجلمع بني سن األقوال واألفعال إذ إن من بحثه لم يعنت باستقصاء األدلة وال وجوه مناقشتها كما أن هناك مسائل متعلقة به لم تنل حظها من البحث والدراسة كابتداء وقت العمرة يف شهر رمضان وانتهائها واالعتمار يف العشر األواخر من رمضان وتخصيص بعض الليالي بالعمرة كليلة سبع وعشرين. ))) وهو بحث منشور يف ملتقى أهل احلديث يف ملتقى الدراسات الفقهية بتأريخ 2013/7/22 وذلك على الرابط:. http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=319599 ))) وهو مقال منشور يف موقع األلوكة يف اجمللس العلمي مجلس الفقه وأصوله بتأريخ 2014/6/22 وذلك على الرابط:.http://majles.alukah.net/t=131214 224

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها منهج البحث: اتبعت يف كتابة هذا املوضوع املنهج العلمي املتبع يف كتابة البحوث الفقهية من حترير محل النزاع وذكر األقوال واستقصاء أدلتها مع بيان وجه الداللة وما يرد عليها من مناقشات وما يجاب به عنها إن وجدت والترجيح مع بيان سببه و تخريج األحاديث وبيان درجتها إن لم تكن يف الصحيحني أو أحدهما وترجمت لألعالم إال اخللفاء الراشدين وأمهات املؤمنني وأئمة املذاهب واملشهورين من العلماء ألن شهرتهم تغني عن التعريف بهم وختمت البحث بخامتة تعطي فكرة واضحة عما تضمنه. تقسيمات البحث: يشتمل البحث على مقدمة وثالثة مباحث وخامتة وفهارس. املقدمة وفيها: 1- أهمية املوضوع. 2- أسباب اختياره. 3- الدراسات السابقة. 4- منهج البحث. 5- خطة البحث. املبحث األول: فضل العمرة يف شهر رمضان. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 225

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ املبحث الثاني: وقت ابتداء العمرة وانتهائها وفيه مطلبا ن : املطلب األول: وقت العمرة للمتمتع. املطلب الثاني: وقت العمرة للمعتمر يف شهر رمضان وانتهاؤها. املبحث الثالث: العمرة ليالي العشر األواخر وفيه مطلبا ن : املطلب األول: العمرة إحدى ليالي العشر األواخر. املطلب الثاني: العمرة ليلة سبع وعشرين. اخلامتة: وفيها أهم نتائج البحث. الفهارس. واهلل تعالى أسأل أن أكون وفقت يف عرض هذا املوضوع وإظهار احلكم الشرعي فيه وأن ينفع به فهو باإلجابة جدير وهو حسبي ونعم الوكيل. 226

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها المبحث األول: فضل العمرة في شهر رمضان حترير محل النزاع: أجمع أهل العلم على أن العمرة يف رمضان ال جتزئ عن حجة الفريضة ))). واختلفوا يف أفضل األزمنة ألداء العمرة على قولني: القول األول: أن أفضل األزمنة ألداء العمرة هو شهر رمضان وهي أفضل من العمرة يف سائر الشهور مطلقا وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية ))) واملالكية ))) والشافعية ))) والحنابلة ))) وهو ظاهر ما ترجم به اإلمام البخاري ))) وهذا القول ذهب إليه الشيخ ابن باز ))) والشيخ ابن عثيمني ))). ))) قال ابن بطال يف شرح صحيح البخاري )4/ 438(:»إجماع األمة أن العمرة ال جتزئ من حجة الفريضة«. وقال العيني يف عمدة القاري )117/10(:»اإلجماع على عدم قيامها مقامها«. وينظر: فتح الباري )604/3( مرعاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح )306/8(. ))) جاء يف فتح القدير )137/3(:»وأما أفضل أوقاتها فرمضان«. ))) جاء يف مواهب اجلليل )29/3(:»وقد رغب الشرع يف العمرة يف رمضان... وأفضلها يف رمضان«. وينظر: قوانني األحكام الشرعية ص 95 أسهل املدارك )516/1(. ))) جاء يف اجملموع )148/7(:»والعمرة يف رمضان أفضل منها يف باقي السنة«. وينظر: البيان )64/4( أسنى املطالب )458/1( كفاية النبيه يف شرح التنبيه )526/7(. ))) عند احلنابلة أن أفضل األزمنة ألداء العمرة هو شهر رمضان ثم العمرة يف غير أشهر احلج ثم العمرة يف أشهر احلج قال يف كشاف القناع )520/2(:»وهي أي العمرة يف غير أشهر احلج أفضل منها يف أشهر احلج... وأفضلها يف رمضان«. وينظر: التعليقة الكبيرة يف مسائل اخلالف على مذهب أحمد )196/1( الفروع )321-320/5( اإلنصاف )57/4( املبدع )107/3( شرح منتهى اإلرادات )595/1(. ))) ترجم البخاري يف كتاب احلج )3/3(: )باب عمرة يف رمضان( أي هذا باب يف بيان فضل العمرة يف شهر رمضان وأورد حتت هذه الترجمة ما يدل عليها من حديث ابن عباس يف كون العمرة يف رمضان تعدل حجة. ينظر: عمدة القاري )116/10( إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري )265/4(. ))) فتاوى نور على الدرب )173/17( مجموع فتاوى ومقاالت متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز )363/16( )431/17(. ))) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمني )241/22( فتاوى نور على الدرب.)2/6( العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 227

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ القول الثاني: أن العمرة يف أشهر احلج أفضل من فعلها يف رمضان وإليه مال ابن القيم وذهب إليه بعض أهل العلم املعاصرين. األدلة: أدلة القول األول: 1- عن ابن عباس )ت: 67 ( أن النبي قال -المرأة من األنصار يقال لها: أم سنان-:»ما منعك أن تكوني حججت معنا قالت: ناضحان كانا ألبي فالن زوجها حج هو وابنه على أحدهما وكان اآلخر يسقي عليه غالمنا قال: فعمرة يف رمضان تقضي حجة أو حجة معي«))). ويف رواية:»فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة«))). وجه الداللة: دل على فضل العمرة يف شهر رمضان حيث جعلها النبي تعدل حجة. املناقشة: يناقش من ثالثة وجوه: الوجه األول: أن هذا الفضل خاص بهذه املرأة وحدها وليس عاما جلميع أفراد األمة وهذا قول قال به بعض ))) زاد املعاد )91/2( اإلنصاف )58/4(. ))) الناضحان جمع ناضح والناضح هو البعير الذي يستقى عليه. ينظر: شرح النووي على مسلم )2/9( فتح الباري )604/3(. ))) أخرجه البخاري يف كتاب احلج باب حج النساء )19/3( )1863( ومسلم يف كتاب احلج )917/2( )1256( واللفظ له. أخرجها البخاري )3/3( )1782( ومسلم )917/2(.)1256( 228

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها السلف فقد جاء عن سعيد بن جبير أنه قال:»وال نعلمه إال لهذه املرأة وحدها«ويدل على اخلصوصية ما جاء يف آخر احلديث من قولها:»فواهلل ما أدري ألي خاصة فيما فاتني من احلج معه أم هي للمسلمني عامة«. اجلواب: يجاب عنه بأربعة أجوبة: األول: أن هذه الزيادة الواردة يف احلديث ال تثبت لوجود أكثر من علة فيها كما تبني. الثاني: لو ف رض صحتها عنها فهذا من فهمها ولم ترفعها إلى النبي ))) كما أنها لم جتزم باخلصوصية بل ترددت يف ذلك وقالت:»فواهلل ما أدري ألي خاصة فيما ))) ينظر: فتح الباري )605/3( عمدة القاري )117/10( كوثر املعاني )20/14(. ))) هو سعيد بن جبير بن هشام الوالبي موالهم الكويف أبو محمد اإلمام احلافظ املفسر روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وغيرهم قتله احلجاج سنة خمس وتسعني. ينظر: سير أعالم النبالء )321/4( تهذيب التهذيب )11/4(. ))) علقه أبو داود الطيالسي )238/3( )1767( وعزاه احلافظ ابن حجر يف املطالب العالية بزوائد املسانيد الثمانية )94/7( )1286( إلى أحمد بن منيع وصححه يف الفتح.)603/3( ))) أخرجه أبو داود )204/2( )1989( وابن أبي شيبة )158/3( )13026( وابن أبي عاصم يف اآلحاد )47/6( )3245( وابن خزمية )72/4( )2376( والدارمي )1180/2( )1902( وابن عبدالبر يف التمهيد )58/22( والطبراني يف الكبير )153/25( والبيهقي )488/6(.)12603( من طريق محمد بن إسحاق عن عيسى بن معقل عن يوسف بن عبد اهلل بن سالم عن أم معقل. وهذه الزيادة رواها عيسى بن معقل عن يوسف بن سالم وهو راو مجهول لم يوثقه غير ابن حبان وقد تفرد بهذه الزيادة دون سائر الرواة فتكون منكرة كما أن الراوي عنه ابن إسحاق وهو مدلس وقد رواه بالعنعنة ولم يصرح بسماعه منه ويف سنده اختالف ولذا ضعف األلباني هذه الزيادة يف -صحيح أبي داود )230/6(- فقال:»حديث صحيح دون قوله: فكانت تقول... عيسى بن معقل فلم يوثقه غير ابن حبان وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه وقد خولف شيخه يف إسناده«. ))) ينظر: مقال تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف غيرها من شهور العام لفؤاد احلامت. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 229

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ فاتني من احلج معه أم هي للمسلمني عامة«ومثل هذا ال يقوى على التخصيص ألن التخصيص يكون بقول النبي واحلجة يف قول النبي ال فيما ظنه غيره مع عدم جزمه به كما أن النبي لم يقله لهذه املرأة وحدها بل جاء أنه قاله لغيرها. الثالث: أن قول النبي لواحد من األمة هو قول جلميع أفراد األمة وخطابه لواحد هو خطاب للجماعة وما ورد فضله يف حق أحد فهو لكل األمة بدليل قوله :»إمنا قولي المرأة واحدة كقولي ملائة امرأة«وألن األصل يف األحكام العموم وعدم اخلصوص إال ما دل عليه الدليل وما لم يدل عليه يبقى على األصل املقتضي للعموم. الرابع: أن القول املروي عن سعيد بن جبير يف صحته ))) ينظر: احملصول )391/2( البحر احمليط )129/7( العدة يف أصول الفقه )332/1( اإلحكام يف أصول األحكام )133/3( شرح مختصر الروضة )411/2(. ))) ينظر: التمهيد )55/22( فتح الباري )604-603/3 ( عمدة القاري )116/10( إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري )266/4( شرح الزرقاني على املوطأ )403/2(. ))) ينظر: املوافقات )407/2( احملصول )391/2( العدة يف أصول الفقه )331/1( الواضح يف أصول الفقه )106/3( روضة الناظر )586/1( شرح مختصر الروضة )411/2(. ))) أخرجه أحمد بهذا اللفظ )357/6( )27054( ومالك )1430/5( )2602( والترمذي )151/4( )1597( والنسائي )149/7( )4181( وابن ماجه )959/2( )2874( وعبدالرزاق )6/6( )9826( وابن حبان )417/10( )4553( والطبراني يف الكبير )186/24( )470( والدارقطني )257/5( )4283( واحلاكم )80/4( )6946( والبيهقي )255/8( )16568(. وصححه الترمذي وابن حبان وابن القطان يف بيان الوهم واإليهام يف كتاب األحكام )516/5( وابن كثير يف تفسيره )4/8))( واحلافظ ابن حجر يف تخريج أحاديث اخملتصر )527/1( واأللباني يف السلسلة الصحيحة )64/2( )529(. 230

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها نظر ))) وسعيد كان يعتمر يف رمضان ))) وهذا يؤيد عدم ثبوت ما روي عنه من القول باخلصوصية ولو فرضنا صحته فال دليل على التخصيص وقد خالفه أكثر أهل العلم ورأوا أن ))) قول سعيد بن جبير روي من طريقني: األول: عن شعبة رواه أبو داود الطيالسي فقال ) 238/3 (-بعد روايته للحديث املرفوع- قال شعبة: فحدثني أبو بشر عن سعيد بن جبير قال: "إمنا قال النبي لتلك املرأة خاصة". وهذا معلق ومع كونه معلقا فقد خالف أبو داود الطيالسي جماعة يف روايته عن شعبة وهم محمد بن جعفر البصري وحجاج بن محمد املصيصي ووهب بن جرير وعمرو بن مرزوق الباهلي وكلهم رووه عن شعبة ولم يذكروا قول سعيد بن جبير. رواه أحمد )260/45( )27286( وابن خزمية )360/4( )3075( وأبو نعيم يف الصحابة )3563/6( )8048( واحلاكم )656/1( )1774( وقال: "حديث صحيح على شرط مسلم". ومحمد بن جعفر البصري )ت: 193 ( هو من أثبت الرواة عن شعبة فقد جالسه نحوا من عشرين سنة وكان ربيبه حتى قال عنه شعبة: "سمع علمي كله" وكان وكيع يسميه الصحيح الكتاب قال عبد الرحمن بن مهدي: "غندر يف شعبة أثبت مني" وقال ابن املبارك: "إذا اختلف الناس يف حديث شعبة فكتاب غندر حكما فيما بينهم" وقال العجلي: "وكان من أثبت الناس يف حديث شعبة". ينظر: التأريخ الكبير )58-57/1( اجلرح والتعديل البن أبي حامت )221/7( تهذيب الكمال يف أسماء الرجال )8-5/25( تهذيب التهذيب )97-96/9( تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف غيرها من شهور العام لفؤاد احلامت مقال منشور يف ملتقى أهل احلديث. فالرواية من طريق شعبة معلقة ولو ثبت االتصال فقد خالف أبو داود الطيالسي اجلماعة يف روايته والسيما محمد بن جعفر الذي هو من أوثق الناس يف روايته عن شعبة وله اختصاص يف روايته عنه فهو ربيبه والزمه عشرين سنة ال يكتب إال عنه حتى قدمه بعض األئمة احلافظ كعبد الرحمن بن مهدي على نفسه يف روايته عن شعبة ومن كان بهذه املكانة فهو مقدم على أبي داود الطيالسي فتكون رواية أبي داود الطيالسي شاذة. الثاني: عن هشيم وهو ما أخرجه أحمد بن منيع حدثنا هشيم أنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن امرأة من األنصار... قال سعيد: وال نعلمه إال لهذه املرأة وحدها " وهذا الطريق أ عل بعلتني: األولى: تفرد أحمد بن منيع عن هشيم بهذا اإلسناد وهشيم بن بشير ثقة روى عنه أئمة أثبات كاإلمام مالك وسفيان الثوري وعبداهلل بن املبارك ولم يذكروا ذلك عنه وأحمد بن منيع ال يحتمل حاله مثل هذا التفرد. الثانية: سماع هشيم من أبي بشر وهو جعفر بن أبي وحشية فقد سمع منه وهو صغير ألن وفاة أبي بشر كانت سنة 124 ه وقيل: غير ذلك وكان سماع هشيم من الزهري وهو صغير لكن يجاب عن ذلك أن هشيما ولد سنة 104 ه فيكون له من العمر يوم وفاة أبي بشر عشرين عاما ومثل هذا السن ميكن فيه السماع كما أن البعض ذكر أن هشيما يف أبي بشر مثل ابن عيينة يف الزهري. ينظر: اجلرح والتعديل البن أبي حامت )115/9( الكامل يف ضعفاء الرجال )456-454/8( تهذيب التهذيب )62-59/11( تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف غيرها من شهور العام. ))) أخرجه ابن أبي شيبة )158/3( )13030( وينظر: تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف غيرها من شهور العام. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 231

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ احلديث عام وبوب عليه أئمة احلديث مبا يفهم منه العموم ))) قال احلافظ ابن حجر )ت: 852 (:»والظاهر حمله على العموم«))) وهو الذي ذهب إليه شراح احلديث ))). الوجه الثاني: أن هذا احلديث خاص مبن تخلف عن احلج لعذر وذلك أن هذه املرأة كانت قد أرادت احلج فتعذر ذلك عليها فذكرت ذلك للنبي فأخبرها مبا يقوم مقام ذلك من العمرة يف رمضان وأن ذلك يعدل حجة ولم يقل هذا الفضل ابتداء ولم يرد عنه أنه حث على العمرة يف رمضان وإمنا قاله لهذه املرأة التي ذكرت له املانع من حجها معه قال الشيخ تقي الدين:»ومعلوم أن مراده أن عمرتك يف رمضان تعدل حجة معي فإنها كانت قد أرادت احلج معه فتعذر ذلك عليها فأخبرها مبا يقوم مقام ذلك وهكذا من كان مبنزلتها من الصحابة«فهذا الفضل يف حق هذه املرأة التي كانت ناوية للحج لكن لم تستطع ذلك ومن كان مثل حالها وليس عاما لكل أحد. اجلواب: يجاب عنه بثالثة أجوبة: ))) بوب على احلديث البخاري يف صحيحه )3/3(:»باب عمرة يف رمضان«والترمذي يف سننه )267/3(:»باب ما جاء يف عمرة رمضان«والنسائي يف الكبرى )236/4(:»باب فضل العمرة يف رمضان«وابن ماجه يف سننه )995/2(:»باب العمرة يف رمضان«والدارمي يف سننه )1180/2(:»باب فضل العمرة يف رمضان«وابن أبي شيبة )158/3(:»يف عمرة رمضان وما جاء فيها«وابن خزمية يف صحيحه )360/4(: «باب فضل العمرة يف رمضان«وابن حبان يف صحيحه )12/9(: «ذكر البيان بأن العمرة يف رمضان تقوم مقام حجة ملعتمرها«. وينظر: العمرة يف رمضان خاصة أم عامة ص 1. ))) فتح الباري )605/3(. ))) ينظر: التوضيح لشرح اجلامع الصحيح )231/12( عمدة القاري )117/10( عون املعبود )323/5( كوثر املعاني الدراري )20/14( العمرة يف رمضان خاصة أم عامة ص 1. ))) مجموع الفتاوى )293/26(. 232

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها األول: أن احلديث جاء من رواية جماعة من الصحابة ابتداء دون تقييده مبن لم يتمكن من احلج لعذر فعن جابر ))) أن النبي ))) قال:»عمرة يف رمضان تعدل حجة«. ويف حديث وهب الطائي ))) أن النبي قال:»عمرة يف رمضان تعدل حجة«. وجاء أن النبي قاله لغير أم سنان ))) وهي أم ط ل يق ))) ملا سألته عما يقوم مقام احلج ففي احلديث:»وإمنا تسألك يا رسول اهلل ما يعدل احلج قال: عمرة يف رمضان«. 233 ))) ينظر: العمرة يف رمضان خاصة أم عامة ص 4. ))) هو: جابر بن عبداهلل بن عمرو بن حرام أبو عبداهلل األنصاري اخلزرجي السلمي اجملتهد احلافظ صاحب رسول اهلل من أهل بيعة الرضوان روى علما كثيرا مات سنة 78 ه. ينظر: سير أعالم النبالء ( 3 ( 189 / اإلصابة يف متييز الصحابة ( 1.) 214 / ))) أخرجه أحمد )352/3( )14838( وابن ماجه )996/2( )2995( والبغوي يف شرح السنة )7/7( )1844( وعلقه البخاري عقب حديث ابن عباس )1863(. وصححه البغوي وقال احلافظ يف التلخيص احلبير )496/2(:»وسنده صحيح«وصححه األلباني يف صحيح سن ابن ماجه )169/2(. ))) هو: وهب بن خنبش الطائي له صحبة عن النبي. ينظر: التأريخ الكبير )158/8( اإلصابة يف متييز الصحابة )488/6(. أخرجه أحمد )177/4( )17635( )17637( والنسائي يف الكبرى )237/4( )4211( وابن ماجه )996/2( )2991( والطبراني يف املعجم الكبير )134/22( )357( ويف األوسط )118/1( )370( واحلميدي )932( والبخاري يف التأريخ الكبير )158/8( وابن قانع يف معجم الصحابة )177/3( وأبو نعيم يف معرفة الصحابة )2724/5(. قال البوصيري يف الزوائد )200/3(:»هذا إسناد صحيح«وصححه األلباني يف صحيح سن ابن ماجه )169/2(. ))) هي: أم سنان األنصارية وهي من الصحابيات لها حديث يف فضل العمرة يف رمضان. ينظر: أسد الغابة )336/7( اإلصابة يف متييز الصحابة )412/8(. ))) لها صحبة وهي امرأة أبي طليق وأبو طليق أشجعي وله صحبة وأبو طليق بوزن عظيم. ينظر: االستيعاب )1944/4( أسد الغابة )345/7( اإلصابة يف متييز الصحابة )424/8(. ))) أخرجه ابن أبي عاصم يف اآلحاد واملثاني )120/1( )249( والطبراني يف الكبير )324/22( )173/22( )816( )425( والبزار كما يف كشف األستار )38/2( )1151( والدوالبي يف الكنى واألسماء )120/1( وأبو نعيم يف معرفة الصحابة )2944/5(. = العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ وسياق حديثها يختلف عن سياق حديث أم سنان وهذا يدل على تغاير القصتني وأنهما واقعتان مختلفتان وقد نبه احلافظ ابن حجر على ذلك فقال:»وزعم ابن عبدالبر أن أم معقل هي أم طليق لها كنيتان وفيه نظر ألن أبا معقل مات يف عهد النبي وأبا طليق عاش حتى سمع منه طلق بن حبيب وهو من صغار التابعني فدل على تغاير املرأتني ويدل عليه تغاير السياقني أيضا وال معدل عن تفسير املبهمة يف حديث ابن عباس بأنها أم سنان أو أم سليم ملا يف القصة التي يف حديث ابن عباس من التغاير للقصة التي يف حديث غيره«. (( ( كما أن النبي ملا سئل عن أي الشهور لالعتمار أرشد إلى العمرة يف رمضان ففي احلديث:»أن امرأة قالت: يا رسول اهلل يف أي الشهور أعتمر قال: اعتمري يف رمضان فإن عمرة يف رمضان تعدل حجة«. = وصححه جمع من أهل العلم قال الهيثمي يف مجمع الزوائد )280/3(:»ورجال البزار رجال الصحيح«وقال البوصيري يف إحتاف اخليرة املهرة )169/3(:»بسند رجاله ثقات«وقال املنذري يف الترغيب )115/2(:»إسناد الطبراني جيد«وقال احلافظ يف اإلصابة يف متييز الصحابة )195/7(:»سنده جيد«وصححه األلباني يف إرواء الغليل )276/3( ويف السلسلة الصحيحة )191/7-192(. ))) فتح الباري )604/3(. ))) أخرجه أحمد )177/4( )17636( وابن ماجه )996/2( )2992( وابن أبي عاصم يف اآلحاد واملثاني )273/5( )2799( والبخاري يف التأريخ الكبير )158/8( وابن قانع يف معجم الصحابة )209/3( وابن عدي يف الكامل )948/3( والبيهقي )566/4( )8744( من حديث هرم بن خنبش. ويف إسناده داود بن يزيد األودي وهو ضعيف ضعفه اإلمام أحمد وابن معني وأبو داود كما يف ميزان االعتدال )21/2( ولذا قال البوصيري يف الزوائد )200/3( )8401(:»هذا إسناد ضعيف لضعف داود بن يزيد بن عبدالرحمن الزعافري«لكن صححه األلباني يف صحيح سن ابن ماجه )168/2( لشواهده وجاء يف املوسوعة احلديثية )142/29(:»حديث صحيح«. 234

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها قال ابن عبدالبر ))) :»وقد روي عن النبي :»عمرة يف رمضان تعدل حجة«من وجوه كثيرة من حديث علي بن أبي طالب وأنس وابن عباس ووهب بن خنبش وأبي طليق وأم معقل«))) ))) ولكثرة رواته من الصحابة ع د من املتواتر. فكون العمرة يف رمضان تعدل حجة ورد ابتداء من غير سبب يف أكثر من حديث وهو عام يشمل املعذور وغيره ووروده على سبب يف حديث ابن عباس ال يصلح أن يكون مناقضا لعمومه حتى يقصر على ذلك السبب ألنه ال منافاة بني عموم اللفظ وخصوص السبب ويندرج السبب فيه اندراجا أوليا يف لسان العرب. الثاني: القاعدة:»أن العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب«قال القرايف :»العبرة عند الفقهاء واألصوليني بعموم اللفظ ال بخصوص السبب فيستدلون أبدا بظاهر العموم وإن ))) هو اإلمام احلافظ أبو عمر يوسف بن عبداهلل بن عبد البر النمري القرطبي املالكي شيخ علماء األندلس وكبير محدثيها يف وقته تويف سنة 463 ه وله مؤلفات كثيرة منها: التمهيد ملا يف املوطأ من املعاني واألسانيد االستذكار ملذاهب علماء األمصار جامع بيان العلم. ينظر: ترتيب املدارك )4 808( / سير أعالم النبالء ( 18 153(. / التمهيد.)55/22( ))) ذكره السيوطي يف املتواتر يف قطف األزهار املتناثرة يف األخبار املتواترة ص 143 والكتاني يف نظم املتناثر من احلديث املتواتر ص 138. ))) ينظر: العقد املنظوم يف اخلصوص والعموم )363/2( إرشاد الفحول )335/1(. ))) ينظر: املوافقات )39/4( التلخيص يف أصول الفقه )155/2( احملصول )125/3( البحر احمليط )269/4( العدة يف أصول الفقه )605/2( املسودة ص 132 روضة الناظر )35/2( شرح مختصر الروضة )501/2( إرشاد الفحول )332/1 (. ))) هو: أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبدالرحمن املشهور بالقرايف ولد سنة 626 ه انتهت إليه رئاسة الفقه يف مذهب اإلمام مالك كان إماما يف الفقه واألصول وغيرهما تويف سنة 684 ه له مؤلفات منها: الذخيرة الفروق نفائس األصول شرح احملصول. ينظر: الديباج املذهب ص 62 شجرة النور الزكية ص 188. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 235

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ كان يف غير مورد سببه«فحديث ابن عباس:»عمرة يف رمضان تعدل حجة«وإن كان واردا يف حق امرأة أرادت احلج فتعذر ذلك عليها إال أن هذا السبب ال يقوى على تخصيص احلديث وهذا هو الذي فهمه أهل العلم املتقدمني من احلديث فقد قال اإلمام أحمد:»عمرة يف شهر رمضان تعدل حجة«وقال أيضا :»هي يف شهر رمضان أفضل عمرة يف رمضان تعدل حجة«فذكر الفضل على العموم ولم يعتبر السبب الذي ورد فيه وقال ابن املنذر )ت: 391 ه(:»وفضل العمرة يف الشهور كلها واحد إال يف شهر رمضان فإن رسول اهلل قال:»عمرة يف رمضان تعدل حجة«وهو الذي سار عليه أئمة احلديث يف تبويبهم على هذا احلديث. الثالث: أن املراد باحلديث غير املعذور ألن من منعه العذر من احلج كتب له أجر احلاج دون أن يأتي بعمرة يف رمضان ألن قاعدة الشريعة أن من نوى فعل العمل الصالح لكن حال املانع بينه وبني فعله كتب له أجر العامل له كما جاء يف حديث أنس أن النبي -ملا رجع من غزوة تبوك الفروق.)114/1( ))) طبقات احلنابلة )263/1(. ))) مسائل ابن هانيء ص 724. اإلقناع.)233/1( ))) ينظر: االستذكار )80/2( التمهيد )319/6( شرح النووي على مسلم )57/13( مجموع الفتاوى )243/22( طريق الهجرتني ص 359 مدارج السالكني )296/1( فتح الباري )136/6( املستدرك على مجموع الفتاوى )123/3(. ))) هو: أنس بن مالك بن النصر بن ضمضم بن عدي بن النجار اإلمام املفتي راوية اإلسالم أبو حمزة األنصاري اخلزرجي النجاري خادم رسول اهلل وتلميذه وآخر أصحابه موتا اختلف يف سنة وفاته فقيل: سنة 91 ه وقيل: غير ذلك. = 236

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها 237 ودنا من املدينة- قال:»إن باملدينة أقواما ما سرمت مسيرا وال قطعتم واديا إال كانوا معكم قالوا: يا رسول اهلل وهم باملدينة! قال: وهم باملدينة حبسهم العذر«))). ويف حديث أبي موسى ))) أن النبي قال:»إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه صحيحا «( ((. وأدلة هذه القاعدة كثيرة وإذا حمل حديث:»عمرة يف رمضان تعدل حجة«على من فاته احلج لعذر صار معارضا لهذه القاعدة الذي دلت عليها نصوص كثيرة ألن املعذور الذي فاته احلج يكتب له أجر احلاج وإن لم يأت بعمرة يف رمضان أما إذا حمل على غير املعذور فال معارضة والنص إذا دار بني معنيني: أحدهما موافق للنصوص األخرى واآلخر معارض لها فال شك أن حمله على املعنى املوافق للنصوص األخرى أولى. 2- ما جاء عن الصحابة من اعتمارهم يف رمضان: ومن ذلك: أ- عن عبداهلل بن السائب))) قال:»كنت أصلي بالناس ينظر: تأريخ اإلسالم ( 3 )288 / البداية والنهاية ( 9.)94/ ))) أخرجه البخاري يف كتاب املغازي )8/6( )4423(. ))) هو: عبد اهلل بن قيس بن سليم بن حضار أبو موسى األشعري صاحب رسول اهلل وكان حسن الصوت بالقرآن ولي إمارة الكوفة ومات سنة 42 ه. ينظر: سير أعالم النبالء )380/2( اإلصابة يف متييز الصحابة )181/4(. ))) أخرجه البخاري يف كتاب اجلهاد والسير باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل يف اإلقامة )57/4(.)2996( ))) هو: عبداهلل بن السائب اخملزومي املقرئ أخذ عنه أهل مكة القراءة وقرأ عليه = =

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ يف رمضان فبينا أنا أصلي إذ سمعت تكبير عمر على باب املسجد قدم معتمرا فدخل فصلى خلفي«))). وجه االستشهاد: أن عمر اعتمر يف رمضان وعمر من اخللفاء الراشدين وممن أمرنا باالقتداء به وهذا يقتضي عموم فضل العمرة يف رمضان. املناقشة: يناقش أن األثر منقطع إذ هو من رواية عبدامللك بن جريج وهو معروف بالتدليس وقد رواه بالعنعنة. اجلواب: أن رجال إسناد هذا األثر ثقات وابن جريج أحد األعالم الثقات وليس فيه إال ما يخشى من تدليسه ويشهد له ما جاء عن التابعني من االعتمار يف رمضان ويظهر أن هذا مما تلقوه عن الصحابة. ب- عن ابن أبي مليكة قال:»اعتكفت عائشة بني حراء وثبير فكنا نأتيها هناك وعبد لها يؤمها«. مجاهد وهو من صغار الصحابة سكن مكة وتويف بها قبل عبداهلل بن الزبير بيسير. ينظر: أسد الغابة )254/3( سير أعالم النبالء )388/3(. ))) أخرجه ابن أبي شيبة يف موضعني )166/2( )7720( )421/3( ( 15583( والبغوي يف معجم الصحابة )13/4( )1556(. ))) هو: عبدامللك بن عبد العزيز بن جريج األموي أبو الوليد وهو من فقهاء أهل احلجاز وقرائهم وكان ثقة كثير احلديث وكان يدلس قال اإلمام أحمد:»كان من أوعية العلم» تويف سنة 150 ه. ينظر: إكمال تهذيب الكمال )320/8( تهذيب التهذيب )402/6(. ))) ينظر: مصنف ابن أبي شيبة حتقيق د. سعد بن ناصر الشثري )163-163/5( )7931(. ))) ينظر: ميزان االعتدال )659/2( تقريب التهذيب ص 363 تهذيب التهذيب )404/6(. ))) هو: عبداهلل بن عبيد اهلل بن أبي مليكة القرشي أبو محمد ثقة فقيه كان قاضيا على عهد ابن الزبير سمع ابن عباس وابن الزبير وعائشة وأدرك ثالثني صحابيا مات سنة 117 ه. ينظر: التأريخ الكبير )137/5( تقريب التهذيب ص 312. ))) أخرجه عبد الرزاق )349/4( )8021( من طريق معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة = = 238

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها فعائشة قدمت مكة يف رمضان واعتكفت ألن االعتكاف ال يشرع إال يف رمضان ويبعد أال تكون اعتمرت ملا عرف عنها من احلرص على العمرة بدليل أنها طلبت من النبي يف حجة الوداع أن تعتمر ملا منعت من العمرة ألجل احليض فقالت:»يا رسول اهلل يرجع الناس بعمرة وحجة وأرجع أنا بحجة قال: أو ما كنت طفت ليالي قدمنا مكة قالت: قلت ال قال: فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة«. ثم استمرت عائشة على أداء العمرة بعد ذلك كلما حجت قال سعيد بن املسيب:»كانت عائشة تعتمر يف آخر ذي احلجة«فإذا كانت حترص على أداء العمرة إذا قدمت مكة للحج مع أدائها لها فمن باب أولى إذا قدمت مكة يف شهر رمضان. 3- أن هذا هو الذي جرى به عمل التابعني فكانوا يتحرون العمرة يف شهر رمضان فجاء:»عن سعيد بن جبير ومجاهد أنهما كانا يعتمران يف شهر رمضان من اجلعرانة«. وقال عبدامللك بن أبي سليمان :»خرجت أنا وعطاء يف = وهذا إسناد صحيح فمعمر هو ابن راشد األزدي ثقة وأيوب هو السختياني ثقة. ينظر: التأريخ الكبير )409/1( ميزان االعتدال )154/4( تهذيب التهذيب )243/10(.)397/1( ))) أخرجه البخاري يف كتاب احلج باب التمتع واإلقران واإلفراد باحلج )141/2( )1561( ومسلم يف كتاب احلج )877/2( )1211(. أخرجه ابن أبي شيبة )157/3( )189/3( )13019(.)13329( ))) أخرجه ابن أبي شيبة )158/3( )13030(. ))) هو: عبدامللك بن أبي سليمان العرزمي الكويف أبو محمد اإلمام احلافظ سمع سعيد بن جبير وعطاء وغيرهم من التابعني مات سنة 145 ه. ينظر: سير أعالم النبالء )107/6( تهذيب التهذيب )396/6(. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 239

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ رمضان فأحرمنا من اجلعرانة«. بل استمر عليه عمل بعض السلف حتى مات ويظهر أن هذا مما فهموه من النصوص الواردة يف فضل العمرة يف شهر رمضان بدليل ما جاء أن:»أبا بكر بن عبدالرحمن كان ال يعتمر إال يف العشر األواخر من رمضان حتى لقي اهلل ملا سمع من أم معقل«. 4- أن عمل املسلمني استمر على االعتمار يف شهر رمضان. أدلة القول الثاني: 1- عن أنس :»أن رسول اهلل اعتمر أربع عمر كلهن يف ذي القعدة إال التي مع حجته: عمرة من احلديبية أو زمن احلديبية يف ذي القعدة وعمرة من العام املقبل يف ذي القعدة وعمرة من جعرانة حيث قسم غنائم حنني يف ذي القعدة وعمرة مع حجته«. وجه الداللة: أن النبي لم يعتمر يف رمضان وإمنا اعتمر عمره كلها يف ذي القعدة قال الشيخ تقي الدين: ))) أخرجه ابن أبي شيبة )158/3( )13031(. ))) هو: أبو بكر بن عبدالرحمن بن احلارث بن هشام اخملزومي أحد الفقهاء السبعة باملدينة وكان عاملا فقيها كثير احلديث كان ي قال له: راهب قريش لكثرة صالته مات سنة 94 ه. ينظر: سير أعالم النبالء )416/4( تهذيب التهذيب )30/12(. ))) أخرجه ابن أبي عاصم يف اآلحاد واملثاني )49/6( )3246( وابن أبي شيبة )159/3( )13032( وابن حزم يف حجة الوداع ص 130. ))) ينظر: مواهب اجلليل )29/3(. ))) أخرجه البخاري يف كتاب احلج باب كم اعتمر النبي )3/3( )1778( ومسلم يف كتاب احلج )916/2( )1253(. 240

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها»ثبت بالنقول املستفيضة التي اتفق عليها أهل العلم به أنه إمنا اعتمر بعد الهجرة أربع عمر منها ثالث يف ذي القعدة والرابعة مع حجته«))) وهذا يدل على أن أفضل أوقات العمرة هو أشهر احلج ألن اهلل لم يكن ليختار لنبيه إال أفضل األزمنة ألداء عمرته. املناقشة: يناقش من ستة وجوه: األول: أن النبي اعتمر يف ذي القعدة لسبب وهو بيان جواز العمرة يف أشهر احلج وإبطال اعتقاد أهل اجلاهلية حيث كانوا يعتقدون أن العمرة يف أشهر احلج من أعظم الذنوب كما قال ابن عباس :»كانوا يرون أن العمرة يف أشهر احلج من أفجر الفجور يف األرض«ولم يرد يف االعتمار يف ذي القعدة فضل خاص بخالف العمرة يف شهر رمضان فقد جاء فيها فضل خاص. الثاني: أن النبي كان يشتغل يف رمضان بعبادات أخرى هي أعظم من العمرة ولم يكن ميكنه اجلمع بينها وبني العمرة يف رمضان فأخ ر العمرة إلى أشهر احلج ووف ر نفسه على تلك العبادات يف رمضان. ))) مجموع الفتاوى )148/24(. ))) ينظر: زاد املعاد )91/2( إرشاد الساري )266/3(. ))) ينظر: التمهيد )365/23( التوضيح لشرح اجلامع الصحيح )232/11( فتح الباري )429/3( إرشاد الساري )267/3( عون املعبود )320/5(. ))) أخرجه البخاري يف كتاب احلج باب التمتع واإلقران واإلفراد باحلج وفسخ احلج ملن لم يكن معه هدي )142/2( )1564( ومسلم يف كتاب احلج )909/2( )1240(. ))) ينظر: زاد املعاد )92-91/2( فتح القدير )138/3(. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 241

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ الثالث: أن النبي كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته كما قالت عائشة يف تركه صالة الضحى:»ما رأيت رسول اهلل يصلي سبحة الضحى قط وإني ألسبحها وإن كان رسول اهلل ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم«. وترك قيام الليل جماعة يف رمضان مع ترغيبه فيه خشية أن يفرض عليهم كما جاء صريحا يف حديث عائشة :»أن رسول اهلل صلى ذات ليلة يف املسجد فصلى بصالته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول اهلل فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم ولم مينعني من اخلروج إليكم إال أني خشيت أن تفرض عليكم وذلك يف رمضان«. بل بوب بعض أئمة احلديث يف ذلك بابا وهو أن النبي ))) كان يترك بعض التطوع خشية أن يفرض على أمته. كما كان النبي يترك العمل خشية أن يشق ))) أخرجه البخاري يف كتاب اجلمعة باب حتريض النبي على صالة الليل والنوافل من غير إيجاب )50/2( )1128( ومسلم يف كتاب صالة املسافرين وقصرها.)718( )497/1( ))) أخرجه البخاري يف كتاب اجلمعة باب حتريض النبي على صالة الليل والنوافل من غير إيجاب )50/2( )1129( ومسلم يف كتاب صالة املسافرين وقصرها.)761( )524/1( ))) قال ابن خزمية يف صحيحه )293/3(:»باب ذكر علة قد كان النبي يترك لها بعض أعمال التطوع وإن كان يحث عليها وهي خشية أن يفرض عليهم ذلك الفعل مع استحبابه ما خفف على الناس من الفرائض«. 242

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها 243 على أمته لعلمه بشدة حرصهم على االقتداء به فقد دخل الكعبة وقال بعد دخوله:»لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي«. ولو اعتمر رسول اهلل يف رمضان لبادر الناس إلى ذلك مع ما فيه من مشقة اجلمع بني العمرة والصيام ورمبا ال تسمح أكثر النفوس بالفطر يف السفر حرصا على حتصيل أجر العمرة وصوم رمضان وكان بهم رؤوفا رحيما ))). الرابع: أن بيان النبي كما يكون بالفعل فكذلك بالقول والنبي بني فضل العمرة يف شهر رمضان بقوله وهذا كاف يف ثبوت فضيلتها وال يشترط اجتماع الفعل مع القول حتى يثبت الفضل. اخلامس: لو قدر أنه تعارض يف وقت فضل العمرة قول النبي وفعله لكان املقدم هو قوله ألن الفعل يحتمل اخلصوصية والقول ال احتمال فيه إذ هو تشريع جلميع األمة فال يترك الصريح للمحتمل. ))) أخرجه أبو داود )215/2( )2029( والترمذي )873( وابن ماجه )1081/2( )3064( وأحمد )137/6( )25100( وإسحاق بن راهويه )652/3( وابن خزمية )333/4( )3014( والبزار )221/18( )228( والطبراني يف األوسط )26/7( )6748( واحلاكم )652/1( )1762( والبيهقي )259/5( )9729( عن عائشة وصححه الترمذي وابن خزمية واحلاكم والذهبي واحلديث مروي من طرق عن إسماعيل بن عبدامللك عن ابن أبي مليكة عن عائشة وإسماعيل ضعفه أبو داود وقال ابن معني وأبو حامت والنسائي: ليس بالقوي وأورده الذهبي يف املغني يف الضعفاء )84/1( ولذا قال عبداحلق األشبيلي يف األحكام الوسطى )355/2(:»هذا يرويه إسماعيل بن عبدامللك وهو ضعيف احلديث عندهم«وضعف احلديث األلباني يف السلسلة الضعيفة )358/7(. ))) ينظر: زاد املعاد )92-91/2( تهذيب السن )329/5( فتح القدير )138/3( إرشاد الساري )266/3( مرعاة املفاتيح )308-307/8 ( كوثر املعاني الدراري )20/14(. ))) ينظر: احملصول يف أصول الفقه ص 112 األشباه والنظائر للسبكي ص 151 البحر = العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ 2- عن عائشة قالت:»قلت: يا رسول اهلل يصدر الناس بنسكني وأصدر بنسك واحد قال: انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه«))). وجه الداللة: أن عائشة طلبت من النبي أن تعتمر بعد احلج فأذن لها والنبي لم يعتمر هو وال أصحابه بعد احلج وذلك أن عائشة لم تستطع أن تعتمر قبل احلج بسبب احليض فكذلك احلديث الوارد يف فضل العمرة يف رمضان ال يحصل إال ملن نوى احلج ومنع منه فكالهما ورد على سبب فيقتصر على سببه ومن قال مبشروعية العمرة يف رمضان فكذلك يلزمه القول مبشروعية العمرة بعد احلج وال فرق وإال تناقض. املناقشة: يناقش من ثالثة وجوه: األول: سبق مناقشة أن فضل العمرة يف رمضان خاص مبن تخلف عن احلج لعذر. الثاني: أن النبي لم يعتمر بعد احلج ولم يندب إليها وإمنا أذن لعائشة يف فعلها ملا أحلت عليه وراجعته يف ذلك وذكرت أنها لم تعتمر قبل احلج وهذا بخالف العمرة يف رمضان فقد رغب فيها بقوله وحث عليها وبني عظيم األجر املترتب عليها. = احمليط )51/6( تشنيف املسامع )913/2( الواضح يف أصول الفقه )166/4( املسودة ص 126 مقال تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف غيرها من شهور العام. ))) أخرجه البخاري يف كتاب احلج باب أجر العمرة على قدر النصب )5/3( )1787( ومسلم يف كتاب احلج )876/2( )1211(. ))) ينظر: ص 232. 244

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها الثالث: أن سياق حديث عائشة وارد فيها ملا منعت من العمرة قبل احلج ألجل احليض ولم يرد احلديث بلفظ عام وإمنا فيه اإلذن لها باالعتمار بدليل أن النبي لم يعتمر بعد احلج وال أحد من الصحابة وكل من سياق احلديث والقرائن احملتفة يبني أن مشروعية العمرة بعد احلج خاص بعائشة ومن هو مثل حالها وهذا بخالف احلديث الوارد يف فضل العمرة يف رمضان فهو عام وحتى وإن كان واردا على سبب يف بعض مروياته فالعبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب وقد نبه بعض احملققني من أهل العلم إلى أهمية التفريق بني داللة السياق يف النص والقرائن احملتفة به وبني وروده على سبب فالنص ي خص بالسياق والقرائن وال ي خص بوروده على سبب قال ابن دقيق العيد :»ويجب أن تتنبه للفرق بني داللة السياق والقرائن الدالة على تخصيص العام وعلى مراد املتكلم وبني مجرد ورود العام على سبب وال جتريهما مجرى واحدا فإن مجرد ورود العام على سبب ال يقتضي التخصيص به... أما السياق والقرائن فإنها الدالة على مراد املتكلم من كالمه وهي املرشدة إلى بيان اجملمالت وتعيني احملتمالت فاضبط هذه القاعدة فإنها مفيدة يف مواضع ال حتصى«. ))) هو: محمد بن علي بن وهب القشيري الشافعي أبو الفتح الشيخ احلافظ العالمة برع يف علوم كثيرة السيما يف علم احلديث من مصنفاته: اإلمام واإلملام وشرحه تويف سنة 702 ه. ينظر: طبقات الشافعية الكبرى )207/9( طبقات الشافعيني ص 952. ))) إحكام األحكام )21/2(. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 245

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ وقال أيضا :»ال يشتبهن عليك التخصيص بالقرائن بالتخصيص بالسبب كما اشتبه على كثير من الناس فإن التخصيص بالسبب غير مختار فالسبب وإن كان خاصا فال ميتنع أن يورد لفظ عام يتناوله وغيره كما يف قوله تعالى: چ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹچ وال ينتهض السبب مبجرده قرينة لرفع هذا بخالف السياق فإن به يقع التبيني والتعيني أما التبيني ففي اجملمالت وأما التعيني ففي احملتمالت فعليك باعتبار هذا يف ألفاظ الكتاب السنة«. 3- أن الصحابة لم يثبت عن أحد منهم أنه اعتمر يف رمضان ولو كان احلديث عاما لبادروا إلى فعلها إذ هم أفهم الناس للنصوص وأعلمهم مبراد الرسول وأعظمهم مسارعة إلى اخلير وال يحفظ عن صحابي قط أنه اعتمر يف رمضان والراوي للحديث هو ابن عباس لم ينقل عنه أنه اعتمر يف رمضان مع أنه كان يف الطائف حتى تويف. املناقشة: يناقش من خمسة وجوه: األول: أن فضل العمرة يف رمضان صحت به األحاديث وإذا صح احلديث عن رسول اهلل صار حجة وال يتوقف على عمل أحد به قال الشافعي:»أن يقبل اخلبر يف الوقت الذي يثبت فيه وإن لم ميض من األئمة مبثل اخلبر الذي ))) سورة املائدة آية: 38. ))) شرح اإلملام )13/5( وله أيضا كالم مقارب لهذا يف شرح اإلملام )110/2(. 246

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها قبلوا«إلى أن قال:»حديث رسول اهلل يثبت بنفسه ال بعمل غيره بعده«))) بل احلديث إذا ثبت صار أصال بنفسه وال يحتاج إلى عرضه على أصل آخر قال ابن السمعاني ))) :»متى ثبت اخلبر صار أصال من األصول وال ي حتاج إلى عرضه على العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه أصل آخر«))). ولو قدر خالف الصحابي للحديث فهذا ال يوجب ترك العمل به ))) فكيف بعدم النقل عنه ولو فتح هذا الباب لتركت كثير من فضائل األعمال بدعوى عدم النقل عن الصحابة. الثاني: أن غاية هذا الدليل هو عدم النقل عن الصحابة وعدم النقل عنهم ال يلزم منه عدم الوقوع ))) وهذا جواب عام أما اخلاص فال يسلم أنه لم ينقل عن الصحابة االعتمار يف شهر رمضان بل جاء هذا عن بعض الصحابة كما تقدم يف أدلة القول األول ))). الثالث: لو فرضنا أن هذا لم يأت عن الصحابة فيحتمل أنهم تركوا العمرة يف رمضان النشغالهم مبا هو أهم منها من مصالح الدين من اجلهاد والدعوة ونشر الدين أو ملا ))) الرسالة ص 423-424. ))) هو: منصور بن محمد بن عبداجلبار السمعاني الشافعي أبو املظفر العالمة شيخ الشافعية من مصنفاته: قواطع األدلة البرهان االصطالم تويف سنة 489 ه. ينظر: طبقات الشافعية الكبرى )335/5( طبقات الشافعيني ص 489. ))) فتح الباري )366/4(. ))) ينظر: الرسالة ص 425 قواطع األدلة )373/1( الواضح يف أصول الفقه )490/2(. ))) ينظر: تشنيف املسامع بجمع اجلوامع )314/1( حاشية العطار على شرح جالل احمللي على جمع اجلوامع )89/2( التروك النبوية تأصيال وتطبيقا ص 137. ))) ينظر: ص 237. 247

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ فيها من املشقة مع اجتماع الصيام والسفر أو خلوف اعتقاد الناس وجوبها فقد جاء عن أبي بكر وعمر أنهما كانا ال يضحيان مخافة أن يعتقد الناس وجوبها وجاء عن أبي مسعود قال:»إني ألدع األضحى وإني ملوسر مخافة أن يرى جيراني أنه حتم علي«فالصحابة كانوا يتركون املندوب خوفا من اعتقاد الناس الوجوب لكونهم أئمة ي قتدى بهم قال الشاطبي :»الصحابة عملوا على هذا االحتياط يف الدين ملا فهموا هذا األصل من الشريعة وكانوا أئمة ي قتدى بهم فتركوا أشياء وأظهروا ذلك ليبينوا أن تركها غير قادح وإن كانت مطلوبة«فليس تركهم لالعتمار يف شهر رمضان لكون ))) أخرج عبدالرزاق يف املصنف )381/4( )8139( والطبراني يف الكبير )182/3( )3058( والبيهقي يف السن الكبرى )444/9( والطحاوي يف شرح معاني اآلثار )174/4( وابن حزم يف احمللى )9/6( عن حذيفة الغفاري قال:»أدركت أبا بكر وعمر كانا ال يضحيان كراهية أن ي قتدى بهما«. قال الشافعي: «يعني فيظن من رآهما أنها واجبة». السن الصغير للبيهقي.)222/2 ( وصححه النووي يف اجملموع )386/8( وابن كثير يف مسند الفاروق )537/1( واحلافظ ابن حجر يف الدراية )215/2( واأللباني يف إرواء الغليل )355/4( قال الهيثمي يف مجمع الزوائد )18/4(:»ورجاله رجال الصحيح». ))) هو: عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن احلارث بن اخلزرج األنصاري أبو مسعود البدري مشهور بكنيته واختلف يف شهوده بدرا وجزم البخاري أنه شهدها مات سنة إحدى أو اثنتني وأربعني. ينظر: االستيعاب يف معرفة األصحاب )1074/3( اإلصابة يف متييز الصحابة )432/4(. ))) أخرجه عبدالرزاق )383/4( )8149( والبيهقي )445/9( وابن حزم يف احمللى )9/6(. وإسناده صحيح فقد صححه ابن حجر يف التلخيص احلبير )259/4( واأللباني يف إرواء الغليل )355/4(. ))) هو: أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد الغرناطي الشهير بالشاطبي من علماء املالكية كان محققا أصوليا تويف سنة 790 ه وله مؤلفات منها: املوافقات االعتصام يف احلوادث والبدع. ينظر: نيل االبتهاج ص 46 شجرة النور الزكية ص 231. ))) يقصد بهذا األصل هو عدم التسوية بني املندوب والواجب ال يف القول وال يف الفعل. ينظر املوافقات )97/4(. املوافقات.)102/4( 248

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها احلديث خاصا باملرأة بل قد يكون لهذه األسباب وغيرها. الرابع: أن االعتمار يف شهر رمضان جاء عن أئمة من التابعني ويظهر أن هذا تلقوه عن الصحابة وأخذوه عنهم قال اإلمام أحمد -فيما جاء عن التابعني-:»ال يكاد يجيء الشيء عن التابعني إال ويوجد فيه عن أصحاب النبي يعني عندي ما ميثل عليه ذلك الشيء«))) وإمنا قال اإلمام أحمد هذا ألن غالب ما جاء عن التابعني ال ينفك عن أثر عن الصحابة ))). اخلامس: لو سلم أن الصحابة لم يثبت عن أحد منهم أنه اعتمر يف رمضان فكذلك لم يثبت عن أحد منهم أنه اعتمر يف ذي القعدة بل الثابت عنهم أنهم كانوا يكرهون العمرة يف أشهر احلج ومنها شهر ذي القعدة ))) قال عمر بن اخلطاب:»افصلوا بني حجكم وعمرتكم فإن ذلك أمت حلج أحدكم وأمت لعمرته أن يعتمر يف غير أشهر احلج«))). وقال ابن عمر:»أن تفصلوا بني أشهر احلج والعمرة فتجعلوا العمرة يف غير أشهر احلج أمت حلج أحدكم وأمت العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه لعمرته«( ((. ))) ينظر: مقال تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف غيرها من شهور العام. ))) مسائل اإلمام أحمد رواية أبي داود السجستاني ص 369. ))) ينظر: العدة يف أصول الفقه )582/2( التحبير شرح التحرير )3814/8(. ))) ينظر: مقال تفضيل العمرة يف رمضان على العمرة يف غيرها من شهور العام. ))) أخرجه مالك يف املوطأ )347/1( )67( والطحاوي يف شرح معاني اآلثار )147/2( )3692( والبيهقي يف معرفة السن واآلثار )76/7( )9345(. وأخرجه مسلم )886/2( )1217( عن عمر أنه قال:»فافصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أمت حلجكم وأمت لعمرتكم«. ))) أخرجه ابن أبي شيبة )159/3( )13036( وابن جرير الطبري يف تفسيره ط هجر )449/3(. 249

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ الترجيح: بعد عرض القولني يف املسألة وما احتج به أصحاب كل قول يظهر رجحان القول األول وهو أن أفضل األزمنة ألداء العمرة هو شهر رمضان وهي أفضل من العمرة يف أشهر احلج وذلك ملا يأتي: أوال : قوة أدلة أصحاب هذا القول وما أورد على أدلة القول الثاني من مناقشات أضعفت داللتها على ما استدل بها عليه. ثانيا : ال تعارض بني فعل النبي يف اعتماره يف شهر ذي القعدة وقوله:»عمرة يف رمضان تعدل حجة«حتى يطلب الترجيح بينهما وذلك أن قول النبي ال يعارض فعله فيحمل قوله على بيان أفضل وقت للعمرة ويحمل فعله على بيان جواز العمرة يف أشهر احلج وإبطال اعتقاد اجلاهلية فبني النبي بفعله أن اهلل شرع العمرة يف أشهر احلج وإذا أمكن اجلمع بني الدليلني فال يصار إلى الترجيح بينهما واجلمع هنا ممكن بال تكلف ولو قدر التعارض بينهما فالقاعدة عند األصوليني هو ترجيح القول على الفعل ألن القول أقوى من الفعل الحتمال الفعل للخصوصية. (( ( ))) نسب العالئي القول بتقدمي القول على الفعل إلى جمهور أهل العلم. ينظر: تفصيل اإلجمال يف تعارض األقوال واألفعال ص 104. ))) ومن وجوه ترجيح القول على الفعل أيضا : األول: أن القول هو األصل يف البيان ألنه يتعدى بصيغته والفعل ال يتعدى إال بدليل. الثاني: أن القول يتعدى إلى غيره باإلجماع والفعل مختلف فيه. الثالث: أن العمل بالقول يبطل مقتضى الفعل يف حق األمة ويبقى يف حقه والعمل بالفعل يبطل مقتضى القول جملة. ينظر: تفصيل اإلجمال يف تعارض = 250

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها ثالثا : أن أهل العلم متفقون على أن النبي اعتمر يف ذي القعدة لبيان جوازها يف أشهر احلج ومخالفة ما كان عليه أهل اجلاهلية من حترميها وإبطال اعتقادهم من كونها أفجر الفجور ))) والبيان بالفعل أقوى من القول وأثبت ))) وتكرر ذلك منه ليكون أقوى يف جوازها وإزالة ما يف النفوس من استنكارها وأبلغ يف إبطال ما كانت عليه العرب يف اجلاهلية ))) وهذا املعنى ال يوجد يف غيره إذ قد زال هذا االعتقاد وظهرت السنة وتقرر اجلواز فلم يكن فيه حجة لتفضيل أداء العمرة يف ذي القعدة على شهر رمضان ألن السبب الذي من أجله فعل النبي العمرة يف ذي القعدة قد زال ))) يؤيد ذلك أن الصحابة لم يكونوا يعتمرون يف ذي القعدة واحملفوظ عنهم احلث على العمرة يف غير أشهر احلج حتى يكثر زوار البيت ))) قال ابن كثير )ت: 774 (:»قد ثبت عن عمر وعثمان أنهما = األقوال واألفعال ص 103-106 التمهيد )219/1( أفعال الرسول وداللتها على األحكام الشرعية )203/2( أفعال الرسول وداللتها على األحكام ص 42. ))) ينظر: حتفة الفقهاء ص 413 الهداية )150/1( البيان والتحصيل )78/4( شرح الرسالة )278/2( البيان )89/4( اجملموع )160/7( املغني )263/3( شرح العمدة )496/1( شرح النووي )236/8( فتح الباري )423/3 429(. ))) قال ابن عبدالبر:»وقد يكون البيان بالفعل فيما سبيله العمل أثبت يف النفوس من القول دليل ذلك قول رسول اهلل :»ليس اخلبر كاملعاينة. االستذكار.)25/1( وقال احلافظ ابن حجر:»البيان بالفعل ليكون أوقع يف نفس السامع«. فتح الباري )509/1(. ))) ينظر: شرح النووي على مسلم )236/8( تعليقات الشيخ ابن عثيمني على الكايف.)347/3( ))) ينظر: البحر احمليط )27/6( أفعال الرسول اهلل وداللتها على األحكام الشرعية 416/1(.)426 ))) ينظر: شرح معاني اآلثار )147/2( السن الكبرى )29/5( نخب األفكار )202/9( التعليقة الكبيرة يف مسائل اخلالف )240/1(. العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه 251

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ كانا يحبان االعتمار يف غير أشهر احلج وينهيان عن ذلك يف أشهر احلج«. وملا سئل ابن مسعود عن العمرة يف أشهر احلج قال:»احلج أشهر معلومات ليس فيهن عمرة«. وهذا هو الذي فهمه التابعون الذين أدركوا كبار الصحابة أن العمرة يف غير أشهر احلج أفضل منها يف أشهر احلج قال محمد بن سيرين :»ما أحد من أهل العلم شك أن عمرة يف غير أشهر احلج أفضل من عمرة يف أشهر احلج«. بل قال علقمة -ملا سئل عن العمرة يف أشهر احلج-»ويفعل ذلك أحد!«. ))) تفسير ابن كثير ط العلمية )404/1(. ))) هو: عبداهلل بن مسعود بن غافل بن حبيب بن هذيل اإلمام احلبر فقيه األمة أبو عبد الرحمن الهذلي املكي املهاجري البدري كان من السابقني األولني شهد بدرا وهاجر الهجرتني ومناقبه كثيرة روى علما كثيرا مات باملدينة ودفن بالبقيع سنة 32 ه. ينظر: سير أعالم النبالء )1 461( / البداية والنهاية )7 169(. / ))) أخرجه ابن أبي شيبة )159/3( )13033( وابن جرير الطبري يف تفسيره ط هجر )450/3( وابن أبي حامت يف تفسيره )345/1( )1818( والطبراني يف الكبير )342/9( )9703( وابن حزم يف احمللى )48/5( والبيهقي )33/5( )8886(. وصححه ابن كثير فقال يف تفسيره )403/1(:»هذا إسناد صحيح«وقال الهيثمي يف مجمع الزوائد )234/3(:»ورجاله رجال الصحيح«. ))) هو: محمد بن سيرين أبو بكر األنصاري إمام وقته مولى أنس بن مالك ولد لسنتني بقيتا من خالفة عثمان وأدرك ثالثني صحابيا ولم يكن بالبصرة أحد أعلم بالقضاء منه مات سنة 110 ه. ينظر: سير أعالم النبالء )606/4( تهذيب التهذيب.)214/9( ))) أخرجه ابن أبي شيبة )159/3( )13037( وابن جرير الطبري ط هجر )451/3(. ))) هو: علقمة بن قيس بن عبداهلل النخعي أبو شبل فقيه الكوفة وعاملها ولد يف حياة رسول اهلل وروى عن عمر وعثمان وعلي وغيرهم والزم ابن مسعود وتصدى للفتيا بعده وكان ناس من أصحاب رسول اهلل يسألونه ويستفتونه تويف سنة 62 ه. ينظر: سير أعالم النبالء )53/4( تهذيب التهذيب )276/7(. ))) أخرجه ابن أبي شيبة )159/3( )13034(. 252

فضل العمرة في شهر رمضان ووقتها 253 وإليه ذهب اإلمام أحمد فقال:»هي يف شهر رمضان أفضل وهي يف غير أشهر احلج أفضل«))). وما فعله النبي من االعتمار يف ذي القعدة ليس هو من قبيل املفضول وإمنا هو من الفاضل فهو أفضل يف حقه من االعتمار يف رمضان وذلك ملا قام بهذا الفعل من بيان احلكم الشرعي وإظهار جواز العمرة يف أشهر احلج وإبطال ما كان عليه أهل اجلاهلية من منعها وبهذا جتتمع األدلة وهذا هو الذي اختاره بعض احملققني من أهل العلم قال احلافظ ابن حجر:»لم يعتمر النبي إال يف أشهر احلج كما تقدم وقد ثبت فضل العمرة يف رمضان بحديث الباب فأيهما أفضل الذي يظهر أن العمرة يف رمضان لغير النبي أفضل وأما يف حقه فما صنعه هو أفضل ألن فعله لبيان جواز ما كان أهل اجلاهلية مينعونه فأراد الرد عليهم بالقول والفعل«))). وهذا يرجع إلى أصل وهو أن العمل املفضول قد يقترن به ما يصي ره فاضال ملصلحة راجحة ))). رابعا : أن محل االحتجاج بترك النبي للشيء هو مع وجود املقتضي وانتفاء املانع ))). قال الشيخ تقي الدين: ))) التعليقة الكبيرة يف مسائل اخلالف )196/1 339( شرح العمدة للشيخ تقي الدين.)551/1( ))) فتح الباري )605/3( وينظر: إرشاد الساري )266/3( نيل األوطار )358/4(. ينظر: مجموع الفتاوى )345/22( )58/23(.)237/24( ))) ينظر: اقتضاء الصراط املستقيم )97/2( دليل الترك بني احملدثني واألصوليني ص 169 173 سنة الترك وداللتها على األحكام الشرعية ص 62-61 58 68-67 أفعال الرسول وداللتها على األحكام ص 61-62 من أصول الفقه على = العدد )113( محرم صفر ربيع األول ربيع اآلخر 1439 ه

أ.د. سعد بن عبد العزيز الشويرخ»والترك الراتب سنة كما أن الفعل الراتب سنة بخالف ما كان تركه لعدم مقتض أو فوات شرط أو وجود مانع«))) وترك النبي للعمرة يف رمضان وإن كان املقتضي له موجودا لكن كان هناك أكثر من مانع من خشية دخول املشقة على أمته أو خشية الفرض عليهم أو الشتغاله مبا هو أعظم منها من املصالح ولم ميكنه اجلمع بينها وبني العمرة يف رمضان السيما وهو اإلمام األعظم ))) وما تركه النبي لوجود مانع فال يكون تركه حجة كما أن محل االحتجاج بترك النبي هو فيما لم يرد فيه نص ))) وترك النبي للعمرة يف رمضان ال داللة فيه على عدم فضلها ألن العمرة يف شهر رمضان ورد فيها نص وما ورد فيه نص يؤخذ حكمه منه ال من مجرد الترك. خامسا : أن اهلل لم يكن ليختار لنبيه إال أفضل األمرين والذي اختاره اهلل لنبيه هو االعتمار يف ذي القعدة ال يف رمضان وخير الهدي هدي محمد لكن ال يلزم أن كل ما كان أفضل للنبي أن يكون هو األفضل يف حق أمته = منهج أهل احلديث ص 83-82 معالم أصول الفقه عند أهل السنة واجلماعة ص.131 ))) مجموع الفتاوى )172/26(. ))) ترك النبي للشيء يكون ملعان متعددة أوصلها بعض الباحثني إلى سبعة عشر منها الترك خوف االفتراض والترك خشية املشقة والترك لألفضل والترك خشية املفسدة والترك للعذر والترك لدخول املتروك يف عموم اآليات أو األحاديث فتركه يحتمل وجوها أخرى غير عدم الفضيلة. ينظر: دليل الترك بني احملدثني واألصوليني ص 72. ))) ينظر: التروك النبوية تأصيال وتطبيقا ص 505 274 دليل الترك بني احملدثني واألصوليني ص 175. 254